على مقاعد الانتظار، يتبع
في مساءٍ هادئ، كنتُ أستمع إلى قلبي، لا إلى الأصوات من حولي. ولم يكن في القلب سوى اسمكِ… يتهجّاه النبض كأنّه صلاة.
كثيرون مرّوا على حياتي…
لكنّهم جلسوا مرورًا على الأرصفة، ثم مضوا.
أما أنتِ، فقد اتخذتِ لكِ مقعدًا داخليًا، لم يُنشأ لأحدٍ سواكِ. كنتِ الراحلة الوحيدة التي لم أُودّعها كما يليق، ولم أُغلق الباب بعدها، ولم أُطفئ الضوء.
ظننتُ أنني سأراكِ تعودين… وربما كنتِ قد عدتِ، مرّاتٍ كثيرة، بصمت.
ثمّة حضورٌ لا تُعلنه الأقدام، بل تسكبه الأرواح خفيةً، كما يسقط العطر من زهرةٍ حين تميل.
أحيانًا، أسمع وقع ظلّكِ في الغرفة.
يتراءى لي طرفُ فستانكِ يمرّ بخفّة،
أو خيط من ضحكتكِ القديمة يتسلّل من الذاكرة، كأنكِ عدتِ لتطمئني على قلبي، ثم غبتِ قبل أن ألفظ السؤال.
أنا لا أُتقن الكتابة عنكِ…
لكنني أُتقن أن أحتفظ بكِ، كما يُحتفظ بالسرّ في الجفن… لا يُقال، ولا يُفسر.
وإن سألتِني يومًا: “كم مرةً انتظرتني؟”
سأضحك بلطف، وأقول:
“لم أعد أُحصي…
لكن كلما مررتُ على نفسي، وجدتكِ جالسة في مكانك، بكامل الغياب.

