هذا النص هو ارتجافةُ وجدانٍ عاشَ مؤجلًا، ونبضُ امرأةٍ خافت أن تختار، فاختارت التأجيل بديلاً عن السقوط. إنه سيرة جسد لم يُمنَح فرصة أن يكون أنثى، ليس لأن الحياة لم تُتح له، بل لأنها كانت تؤمن أن الاحتفاظ بالنقاء يشبه التحدي، تحديًا عبثيًا يشبه الجوع الذي لا يُشبع.
الزمن في هذا النص ليس خطًا مستقيمًا، بل دوّامة، تعود فيها الذاكرة كل مرة إلى بداية معلّقة، إلى كتاب سقط من الحافلة، إلى سؤال لم يُطرح، إلى رجل لم يقل شيئًا لكنه سكن السؤال. الكتاب هنا ليس مجرد غرض، بل رمز للذات التي أُهملت، والتي يُراد لها أن تُستعاد، ولو عبر صدفة، ولو عبر وهم، ولو عبر امرأةٍ أخرى.
المرأة التي تروي، لم تؤجل الحب فقط، بل أجّلت حضورها كله، كما لو أن التأجيل هو الطريقة الوحيدة لحماية الداخل من التشظي. لكنها، وهي تنتظر، صارت لا تعرف من تكون، وصارت لا تشبه النساء ولا تشبه الرجال، صارت معلّقة في الفراغ.
كل من في النص ضائع، وكل الحكايات التي تُروى هي محاولات يائسة للقبض على لحظة صدقٍ، أو قُبلة مؤجلة، أو دفء لن يأتي. لكن في قلب النص، هناك فكرة واحدة تقف كقوسٍ معكوس:
أننا لا نعيش، بل نُرتّب أنفسنا كل الوقت كي نعيش لاحقًا.
والمأساة أن هذا "اللاحق" لا يأتي أبدًا.
الجزء الذي هزني بالنص......
لست أدري كيف يمكن لمنديل أن يحمل كل هذا الثقل.
لكنه لم يكن قماشة بين يدي العجوز، بل كان ذاكرة نقيّة، مبللة بدفء امرأة غابت، وبقيت دمعتها شاهدةً على أنها مرّت من هنا.
هزني المشهد لأنه أبعد من مجرد حنين؛ إنه اختزال كامل للإنسان في فعلٍ بسيط، لمسة، تحسس، رعشة يدٍ تبحث عن صوت قديم.
كأن العجوز لا يريد نسيانها، بل يحتضن وجعها ليبقى حيًا.
كأننا لا نتشبث بالأشياء لأننا ضعفاء، بل لأن ما فُقِد كان عظيماً بما يكفي ليبقى.
هزني لأنه لأول مرة أرى قلبًا يُمسك باليد، لا داخل الجسد، بل خارج الصدر، مطويًا بعناية، ومحتفظًا بدمعة لا تتبخر.
منديل واحد... لكنه كل الحب الذي لم يُقال.
وأخيرًا، يبقى السؤال يتردد في الأفق، يتسلل إلى أعماقنا:
هل يمكننا حقًا أن نحظى بقلب يرتجف هكذا، يحتضن دمعة لم تمسح، وذاكرة لا تُمحى؟
شكراً من القلب لك استاذي @يعرُب،
على روحك التي تنساب في كلماتك، وعلى الحنان الذي زرعته في تفاصيل هذه القصة،
لقد حملتنا بين أنفاسك، وتركت لنا بصمة من الحُب والحنين لا تُمحى.
دمت نابضًا بالصدق والعطاء.
الjo
اخي العزيز
اتمنى عليك ان تكبر حجم الخط