تواصل معنا

🕊️ أوطانٌ على حافّةِ الذاكرة رحلة أسبوعيّة عبر قارات العالم... نُنصتُ فيها لنبضِ البلدان المنسيّة. ثمّة أوطانٌ لا تُرى في نشرات الأخبار، ولا تُسمَع...

الجوري الجوري الجوري's icon

ال𝒿𝑜...هسيس بين يقظة وغيم مسؤولة الأقسام الأدبية
مستشار الادارة
إنضم
23 فبراير 2023
المشاركات
66,808
مستوى التفاعل
26,671
أوطان على حافة الذاكرة
🕊️ أوطانٌ على حافّةِ الذاكرة

رحلة أسبوعيّة عبر قارات العالم... نُنصتُ فيها لنبضِ البلدان المنسيّة.


ثمّة أوطانٌ لا تُرى في نشرات الأخبار،
ولا تُسمَع أسماؤها إلّا حين تمرّ الصراعات صدفةً من فوقها،
لكنها رغم النسيان ما زالت تُنبتُ معنى الحياة، وتخزّن الحكايات في ذاكرتها كأوراقٍ صفراء لا تسقط.

في هذا الركن، سنسافر كلّ أسبوعٍ إلى بلدٍ من قارةٍ مختلفة،
نُسلّط الضوء على ما تُخفيه خلف العناوين:
على وجوه ناسها، على موسيقاها، على جراحها، على ابتسامتها التي تقاوم العدم.

ليست السياسة هنا صراعًا على السلطة،
بل ذاكرة بشرية تتكلّم بأصواتٍ متعددة.
سنتذكّر من طُمست ملامحهم،
وسنقرأ الأوطان كما تُقرأ القصائد لا كما تُكتب التقارير.


✦ كلّ أسبوعٍ وطنٌ جديد ✦
✦ كلّ قارةٍ ذاكرة ✦
✦ وكلّ ذاكرةٍ ضوء ✦
 

الجوري الجوري الجوري's icon

ال𝒿𝑜...هسيس بين يقظة وغيم مسؤولة الأقسام الأدبية
مستشار الادارة
إنضم
23 فبراير 2023
المشاركات
66,808
مستوى التفاعل
26,671
أوطان على حافة الذاكرة


🕊️ كشمير… الجرح الذي يتوضّأ بالثلج

 

الجوري الجوري الجوري's icon

ال𝒿𝑜...هسيس بين يقظة وغيم مسؤولة الأقسام الأدبية
مستشار الادارة
إنضم
23 فبراير 2023
المشاركات
66,808
مستوى التفاعل
26,671
أوطان على حافة الذاكرة
الموقع الجغرافي

تقع كشمير في قلب جبال الهيمالايا، في أقصى شمال شبه القارة الهندية،
حيث تتعانق القمم المغطاة بالثلوج مع الغيوم الراحلة نحو الشرق.
تحيط بها أربع قوى جغرافية كأنها أوتار مشدودة في قوسٍ من تناقضات العالم:

من الشمال: الصين، التي تسيطر على منطقة أكساي تشين.

من الغرب والجنوب الغربي: باكستان، التي تُدير آزاد جامو وكشمير وغيلغيت بالتستان.

من الجنوب والجنوب الشرقي: الهند، التي تدير جامو وكشمير ولداخ.

ومن الشرق: تلامس حدودها هضبة التيبت، تلك الأرض التي لا تنام في وعي الجبال.


مساحة كشمير التاريخية تقارب 222 ألف كيلومتر مربع،
ويفصل بين مناطق السيطرة ما يُعرف بـ خط المراقبة،
خطّ غير مرئي في ضمير الأرض، لكنه يقسم حياة الناس كما تقسم الجدران الأحلام.
 

الجوري الجوري الجوري's icon

ال𝒿𝑜...هسيس بين يقظة وغيم مسؤولة الأقسام الأدبية
مستشار الادارة
إنضم
23 فبراير 2023
المشاركات
66,808
مستوى التفاعل
26,671
أوطان على حافة الذاكرة
🕯️ الهوية الثقافية

كشمير ليست جغرافيا فحسب، بل روحٌ متوارثة،
تنبض في كل حجرٍ ومجرى ماءٍ ووشاحٍ مطرزٍ بأيدي نسائها.

يتحدث أهلها الكشميرية (كاشور)،
لغةٌ تشبه الزخارف على النوافذ القديمة: دقيقة، موسيقية، مائلة إلى الشجن.
ويتقنون الأوردو والهندية والإنجليزية،
كأنهم يعبرون باللغات كما يعبرون الجبال، دون أن يفقدوا نغمة القلب.

يدين معظم السكان بالإسلام،
وفيه تمتزج الروح الصوفية بالبساطة الريفية،
فالمساجد هناك تُنشد كما لو كانت حدائق،
والدعاء يشبه أغنيةً للسلام.
وفي أطراف أخرى، يعيش الهندوس والبوذيون في فسيفساءٍ إنسانية
تُذكّر بأنّ كشمير كانت عبر العصور ملتقى للأديان والحضارات.

تشتهر بصناعة السجاد اليدوي والحرير والزعفران،
وفي الموسيقى تُعزف آلة السانتور بنغمةٍ تشبه ذوبان الثلج فوق حجرٍ دافئ.
ورغم القهر والانقسام،
ما زال الكشميريون يغنون لأطفالهم:

هنا، حيث الجبال تحرس أحلامنا، يولد الغد مهما طال ليله
 

الجوري الجوري الجوري's icon

ال𝒿𝑜...هسيس بين يقظة وغيم مسؤولة الأقسام الأدبية
مستشار الادارة
إنضم
23 فبراير 2023
المشاركات
66,808
مستوى التفاعل
26,671
أوطان على حافة الذاكرة
🕊️ كشمير… الجرح الذي يتوضّأ بالثلج

يقال إنّ الجمال إذا أراد أن يختبئ من أعين العالم، اختار كشمير وطنًا له.
جبالٌ تلامس الغيم، أنهارٌ كأنها تروي الأرض بدمعها،
وسكونٌ يفيض بالحياة أكثر من صخب المدن.

لكن الجمال هناك لا يأتي مجرّدًا من الحُسن،
بل من صموده في وجه الألم.
كشمير لا تشبه البلدان، بل القصائد التي تُكتب بصمتٍ طويل،
ثم تُقرأ بين طيّات الانكسار والحنين.

الثلج يحترق في ضوء البنادق،
والأذان يرتفع بين صدى الرصاص،
والأمّهات يغزلن الدفء من حكايات الغائبين.
هناك إرادةٌ تتحدى الألم،
وقوّةٌ تبني رغم ثقل الذاكرة.

في شوارع سريناغار، يمشي الناس بين المحال الصغيرة،
كأنّهم يسيرون على خيطٍ من الحنين.
يبيعون الزعفران والورود وأحلامهم المؤجلة،
ويضحكون بخجلٍ يشبه احتفاظ القلب ببصيص أمل.

أما بحيرة “دال”، فهي مرآةٌ لا تعكس وجهًا واحدًا.
كل من ينظر إليها يرى ما فقده:
الأمّ ترى ابنها، والعاشق يرى موعده القديم،
والغريب يرى وطنًا لم يولد بعد.

كشمير ليست حربًا فقط،
بل اختبارٌ للضمير الإنساني:
هل نستطيع أن نحافظ على الجمال،
إن كان الثمن هو أن نصمت أمام معاناة الآخرين؟


في أوطان على حافة الذاكرة،
نكتب لا لنصنع مجدًا، بل لننصت لصوتٍ خافتٍ في قلب العالم.
لكل وطنٍ، مهما بدا صغيرًا أو منسيًّا،
مكانٌ في الذاكرة الإنسانية،
وصوتٌ يستحق أن يُسمع قبل أن يذوب في صمت الخرائط.

لأنّ الهوية، مهما تكسّرت على الحواف،
تبقى أقوى من الحدود.

file_0000000026a061f4801e743bf95ef022.png
 

sitemap      sitemap

أعلى