-
- إنضم
- 10 أغسطس 2021
-
- المشاركات
- 2,063
-
- مستوى التفاعل
- 650
- مجموع اﻻوسمة
- 2
فلسفة إنسان A.M.A.H

في أحد المساءات الهادئة، جلس طفل في الثانية عشرة من عمره على درج مجلس القرية، يقلب هاتفه الصغير بحماس، بينما كان الشيخ عبد اللطيف يجلس غير بعيد، ممسكًا بكتابٍ قديمٍ يتأمل صفحاته بوقار.
رفع الطفل رأسه وقال متحمسًا:
ابتسم الشيخ، ومسح لحيته البيضاء وقال بهدوء:
ردّ الطفل بثقة:
هزّ الشيخ رأسه وقال:
تردد الطفل قليلًا، ثم قال متحديًا:
أغلق الشيخ كتابه، ونظر بعيدًا كمن يستعيد ذكرى عزيزة، وقال بصوت خافت:
سأل الطفل بدهشة:
قال الشيخ:
سكت الطفل طويلًا، وقد لمع في عينيه شيء من الفهم الجديد. ثم قال:
ابتسم الشيخ وقال:
ثم نظر الشيخ إلى الأفق وتمتم بحزن:
سأل الطفل:
تنهد الشيخ، وألقى قائلًا:
رحْلتَ والفكر فينا حيُّ مرتَحِلُ
وحكمْتَ بالحقِّ حينَ القول مُشتَعِلُ
يا فارِسَ الفكرِ، والأوطانُ شاهِدَةٌ
وفي حُروفِكَ دربُ العدلِ مُعْتَدِلُ
في كلِّ معنًى بنورِ العقلِ قد زُرِعتْ
حروف روحٍ بها التاريخُ يحْتَفِلُ
كنتَ الدليلَ إذا ضلَّ الورى سُبُلاً
وبصْمةُ النورِ في دربٍ بهِ زلَلُ
علمْتنا أنّ في الإنسانِ فلْسَفَةً
لا تُشْترى بِذهَبٍ، أو يُعْجِزُ الأمَلُ
وحينَ سادَ السكوتُ المرُّ، قد نطَقُوا
وكنْتَ في ساحةِ الأقوالِ مُعْتَزِلُ
تُسائلُ الفنّ ما جدواهُ في وطَنٍ
إنْ لَمْ يكنْ زادَ روحٌ فيهِ مُكتَمِلُ؟
وَتُرْشدُ الناسَ أن ينساقَ سعْيُهُمُ
خلفَ السرابِ، وفي أعماقهمْ جَدَلُ
من قالَ إنَّ الشهيرَ الحقَّ ذا ثِقَلٍ
كم ضلَّ قلبٌ وراءَ الزيفِ مُرتَجَلُ
هذي رسالتُكَ الكبْرى الّتي بَقِيَتْ
من علّمَ الناسَ أنَّ الفكرَ مُكتَمِلُ
رحلْتَ جسمًا وصوتُ العقلِ مُكْتمِلُ
يبقى على الدهرِ نورُ الفكرِ مُبتَهِلُ
كأنَّ روحَكَ ما زالت تُنبّهُنا
بأنَّ للعقلِ ميزانًا، بهِ نصِلُ
فالفكر حارسُنا في الليلِ إن هجَعوا
والعلمُ قنديلُنا والصدقُ مُكتَحِلُ
فسلامُ قلبٍ إلى روحٍ طهارتُها
تعلو، وتبْقى على مرٍّ لنا أمَلُ
A.M.A.H
رفع الطفل رأسه وقال متحمسًا:
يا عمّي… شفت فلان وفلان؟ مشاهير عندهم ملايين المتابعين! كل شيء يقولونه يصبح حديث الناس.
ابتسم الشيخ، ومسح لحيته البيضاء وقال بهدوء:
وماذا يقولون يا ولدي؟
ردّ الطفل بثقة:
يسوّون مقالب، ويتحدّون بعضهم، ويضحكون الناس… والناس تحبهم!
هزّ الشيخ رأسه وقال:
وهل يُقيم الإنسان على عدد من يضحكهم أم على عمق ما يتركه في عقولهم وقلوبهم؟
تردد الطفل قليلًا، ثم قال متحديًا:
طيب يا عمّي… من كان يتابع ذاك الذي اسمه علي الهويريني؟ ما عنده ملايين المتابعين مثلهم.
أغلق الشيخ كتابه، ونظر بعيدًا كمن يستعيد ذكرى عزيزة، وقال بصوت خافت:
يا بني… علي الهويريني لم يكن يطلب ضجيج الأضواء. كان فيلسوفًا يرى العُمق حيث لا ينظر الآخرون، وينطق بحكمةٍ تشبه جذر الشجرة: لا يراها الناس، لكنّها تثبّت الروح.
سأل الطفل بدهشة:
وماذا كان يقول؟
قال الشيخ:
كان يقول: "العقل وطن، فإذا هاجر العقل ضاع الوطن". وكان يرى الفن رسالةً لتطهير الروح، لا لتسلية العيون. وكان يذكّرنا أن الإنسان لا يُقاس بما يملكه أو يُضحك به غيره، بل بما يُبقيه من أثر بعد أن يرحل.
سكت الطفل طويلًا، وقد لمع في عينيه شيء من الفهم الجديد. ثم قال:
يعني ممكن يكون مشهور… لكن مو لازم يكون حكيم؟
ابتسم الشيخ وقال:
الشهرة قد تأتي للغثّ والسمين، أما الحكمة فلا تأتي إلا لمن تعب قلبه وبصيرته في طلبها.
ثم نظر الشيخ إلى الأفق وتمتم بحزن:
رحم الله الهويريني… عاش حكيمًا ورحل حكيمًا.
سأل الطفل:
يا عمّي… ممكن أن تقول شيئًا لأجله؟
تنهد الشيخ، وألقى قائلًا:
رحْلتَ والفكر فينا حيُّ مرتَحِلُ
وحكمْتَ بالحقِّ حينَ القول مُشتَعِلُ
يا فارِسَ الفكرِ، والأوطانُ شاهِدَةٌ
وفي حُروفِكَ دربُ العدلِ مُعْتَدِلُ
في كلِّ معنًى بنورِ العقلِ قد زُرِعتْ
حروف روحٍ بها التاريخُ يحْتَفِلُ
كنتَ الدليلَ إذا ضلَّ الورى سُبُلاً
وبصْمةُ النورِ في دربٍ بهِ زلَلُ
علمْتنا أنّ في الإنسانِ فلْسَفَةً
لا تُشْترى بِذهَبٍ، أو يُعْجِزُ الأمَلُ
وحينَ سادَ السكوتُ المرُّ، قد نطَقُوا
وكنْتَ في ساحةِ الأقوالِ مُعْتَزِلُ
تُسائلُ الفنّ ما جدواهُ في وطَنٍ
إنْ لَمْ يكنْ زادَ روحٌ فيهِ مُكتَمِلُ؟
وَتُرْشدُ الناسَ أن ينساقَ سعْيُهُمُ
خلفَ السرابِ، وفي أعماقهمْ جَدَلُ
من قالَ إنَّ الشهيرَ الحقَّ ذا ثِقَلٍ
كم ضلَّ قلبٌ وراءَ الزيفِ مُرتَجَلُ
هذي رسالتُكَ الكبْرى الّتي بَقِيَتْ
من علّمَ الناسَ أنَّ الفكرَ مُكتَمِلُ
رحلْتَ جسمًا وصوتُ العقلِ مُكْتمِلُ
يبقى على الدهرِ نورُ الفكرِ مُبتَهِلُ
كأنَّ روحَكَ ما زالت تُنبّهُنا
بأنَّ للعقلِ ميزانًا، بهِ نصِلُ
فالفكر حارسُنا في الليلِ إن هجَعوا
والعلمُ قنديلُنا والصدقُ مُكتَحِلُ
فسلامُ قلبٍ إلى روحٍ طهارتُها
تعلو، وتبْقى على مرٍّ لنا أمَلُ
A.M.A.H
اسم الموضوع : فلسفة إنسان A.M.A.H
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء