-
- إنضم
- 10 أكتوبر 2024
-
- المشاركات
- 29
-
- مستوى التفاعل
- 38
- مجموع اﻻوسمة
- 2
ما يلزم حتى يصل.

- 1 -
علقتُ في أحابيل جوابها المُحيّر..
حين سألتُها:
- هل هذا الممر ينتهي بنهر إبيرو؟
قالت هي..
لن تحضُر.. نعم لن تكون هناك
وهذا الممرُ الضيّق ينتهي بجدار، هل ترى ذلك الجدار، إنه يفصلك عن النهر من بعد اجتياز الشارع.
- 2 -
سرقسطة
كنت أسكن الشارع الموازي للشارع الذي يشرف علي نهر إبيرو، يفصل بين الشارعين مجمع سكني واحد، بعرض مئة وخمسين متر لا أكثر.
قررت أن اختصر الزمن، فالالتفاف بالسيارة في هذا الوقت، قد يجعلني متأخرًا، لذلك كان العبور من ممر إلى الشارع الموازي هو أفضل حل للحاق بها في موعدنا المحدد.
- 3 -
كثير ما يشاع، أن الرجل الذي يلهث خلف امرأة، غالبا ما تكون رغباته جنسية بحته، حتى وإن أظهر غير ذلك، تظهر غريزته الحيوانية في بعض التفاصيل.
سألتها :
سرقسطة
كنت أسكن الشارع الموازي للشارع الذي يشرف علي نهر إبيرو، يفصل بين الشارعين مجمع سكني واحد، بعرض مئة وخمسين متر لا أكثر.
قررت أن اختصر الزمن، فالالتفاف بالسيارة في هذا الوقت، قد يجعلني متأخرًا، لذلك كان العبور من ممر إلى الشارع الموازي هو أفضل حل للحاق بها في موعدنا المحدد.
- 3 -
كثير ما يشاع، أن الرجل الذي يلهث خلف امرأة، غالبا ما تكون رغباته جنسية بحته، حتى وإن أظهر غير ذلك، تظهر غريزته الحيوانية في بعض التفاصيل.
سألتها :
- ما الذي يجعلك تعتقدين أنها لن تحضر؟
- الخوف الذي يستبد بملامحك وبريق عينيك، وتأنقك المتكلف، هي كفيلة بعدم حضورها.
نفس كل ما ذكرت كان يتلبسه، لكنه هو الذي لم يحضر، الزمن يعود، ولكن بشكل مختلف، كان سيأتي من الضفة الأخر من النهر ويأخذني من هذا المكان، لكنه لم يحضر.
- 4 -
من جديد، علقت في أحابيل قصتها، هذه المرة، بعيدًا عن الحيرة، وتبدد الخوف من عدم اللحاق بموعدي.
ينتابني شعور القلق، ذلك الشعور الذي لا تعرف مصدره، أو الوقت الذي سيذهب عنك ومتى سيعود، ومن أي جهة سيخرج ويعود، ذلك الإحساس الذي يتمكن من جوفك، فتشعر أنه خال من الهواء، خال من أي شيء، فيكون للصقيع مكانًا بداخلك، كل ذلك وأنت لا تدري سبب قلقك.
- 5 -
كانت رثة الملابس بعصابة حول رأسها وشعر قد تلبد بالأوساخ، ليست كبيرة في العمر، لكن ما هي فيه يشعرك أنها كعجوز من الغابرين، اتخذت من ركن ذلك المكان متكئًا.
بدت لي غريبة في المكان، لكن أحد المارة، توقف عند حديثنا، وكان يسأل عن حالها وكأنها قد سكنت هذه الزاوية دهرًا، عندها أدركت، أني كنت متبلدًا عن تفاصيل الحي الذي أسكنه، هكذا حالنا مع بعض الأشياء، قد لا نراها، إلا أن تعثرنا بها، وهي دائما أمام بصرنا، لكن هناك ما يشغلنا عن النظر لها، متأكد أني قد مررت بها أكثر من مرة في اليوم الواحد، ولكنها ليست من تفاصيل يومي، لذلك لم أدرك وجودها في ذلك الركن.
- 6 -
حينما رأتني واقفًا استمع لها، وكأني أريد أن اخطف حديثًا على عجل، بادرتني بقول " لا يمكن للأحاديث أن تصعد للأعلى، ذلك الدعاء فقط نوجهه للسماء، اسحب ذلك الصندوق الخشبي واجلس عليه، ولتكن عيونك في عيوني وأنا أتحدث لك"، أدركت أنها محقة، وصرت بين خيارين، إما أذهب والحق موعدي، الذي هي تجزم فيه أن فتاتي لن تحضر، أو اعتبر ذلك اللقاء في حكم المؤجل، وانتظر سماع قصتها، التي علقت في رغبة سماعها.
لا أعرف هل هو الفضول، أو أني أبحث عن شيء لا أعرفه؟!
كنت اجتر الحيرة، من موقفي هذا، ربما أنا واقع تحت فلسفة الحصول على اللاشيء، كأن تفتح صندوقًا مملوء بالفراغ، وتكمش ملء قبضتك منه، هنا تأكد أنك حصلت على اللاشيء.
- 7 -
لا يمكننا نزع الشيء المؤصل من نفوسنا وأجسادنا، كل حديثها وحركات يدها وسكونها، تدل على أنها كانت صبية منغمسة في الترف، برغم مكوثها سنين طويلة، في حياة خلقتها لنفسها من العدم، إلا أن ماضيها يلاحقها لشخص ركّز قليلا في تفاصيلها الصغيرة.
هاجمتني حين استقريت أمامها جالسا وقالت، لقد طغت رائحة العطر على رائحة جسدك، لذلك لم يصل عطرك إلى ذروته، كثير منكم أيها الرجال، لا يعرف كيف يضع عطره، أنتم لا تعرفون رائحة أجسادكم ، لذلك تطمسوها، بنفحات مبالغ فيه من العطر، فيصبح المزج غير متعادل بين رائحتين، جسدكم والعطر، هنا يكمن سرّ جمال العطر، حينما يمتزج بأجسادنا، هي من تمنحه ذاته.
- 8 -
يحدث أننا في بعض أو كثير من الأحيان، غير مستعدين لسماع التفاصيل الجانبية، نرغب في عمق الحديث، الذي ينتهي بنهاية، غالبا ما نريد أن تكون على امزجتنا. لكنها كانت مفرطة في الهوامش وزيادات الحديث، ذلك يشكل عبئا على استيعابي، خاصة وأن بالي مشغول بأمر آخر.
البعض في الاستماع لديه القوة والقدرة لتوجيه السارد، وبعضنا يقع في فخ شخص، يبحث عن من يستمع لهذيانه، لذلك أخبرتها أني لا أملك وقتًا كافيًا، لسماع فلسفة الدراويش، أو تلك الأحاديث المبهمة، التي يمكن أن تُفسر على أكثر من طريق، ثم سألتها :
- ما المميز في الذي كان سيأتي ولم ويصل حتى الآن؟
قالت :
- لذة الألم معه، لن تسطيع أن تفهم، كيف تستطيع المرأة أن تجمع بين لذة وألم في وقت واحد. هذا الخليط يمنحها متعة مضاعفة، كأن تشعر بوخزات القش على ظهرك، والنظر إلى أقدامك وهي تهتز أمام عينيك، تسمع صوتك، وكلما كان عنيفًا، صعد بك نحو السحاب، حتي تصل لنقطة النهاية، حينها تنتفض وتغيب مدركاتك في تلك الثوان، فعبثية ما تحدثه وقتها، أنت لست مسؤولاً عنها، هذا هو قانون الأجساد الحية.
- 9 -
كان رجل جاليكي، من خليج أورسا، بدأ العمل عندنا كسايس في الإسطبل، لا يعرف أي شيء عن الخيول، فهو من قوم يمتهنون صيد السمك والتهريب.
شد انتباهي جسده المتناسق، تمنيت أن أكون أكثر جرأة، لأطلب منه أن يتخذ وضعيه معينة وأصنع منه تمثلاً من الطين، مللت رجالات القصر والنعومة التي يمارسونها ورائحة عطورهم التي تشابهت عند حاستي، لذلك كنت أقضي كثير من الوقت في مشاهدة السايس الجديد، وكيف يقوم بترويض الخيول القادمة حديثا، بداياته متعثرة، تدل على عدم خبره، منحته بعض المساعدة، فأتقن كل ذلك في عجل، كنت مخطوفة بجسده، خاصة في أول صيف له معنا، اتخذ لجسده قطعة واحدة تغطيه، وهي البنطال فقط، يخرجني من اتزاني ومحيطي، حين تبدأ قطرات العرق، تتخذ مساراتها على جسده، تلك التي تشق طريقها خلف اذنه أو الخطوط منها، التي تسير كقطيع من رقبته إلى ساحات صدره، أو تلك التي تغيب خلف بنطاله، بعد أن سارت مسافات طويله على ظهره، كانت خيالاتي مجنونة مع هذه الجسد.
- 10 -
طبائعنا، كنساء، تستحوذ علينا فكرة أن نكون مرغوبات، ملاحقات كطرائد برية،، تمنيت أن أكون حصيلة صيده الوحيدة بين شباكه، وأن أكون سمكة في مقلاته، يقلبني كيفما يشاء، لكن الأمر لن يتحقق في وجود الفوارق الاجتماعية الكبيرة بيننا، لذلك كان هو طريدتي.
اصابتني غيرة الرجل، تلك الغيرة التي تغرس حرابها بشكل عبثي في دواخلنا، حين تتحدث امرأة عن رجل احبته، خطف عقلها، سرق كيانها، لا يهم الزمان أو المكان، فهي تجتاحنا، حتى لو كانت العاشقة امرأة كبيرة، في زمن نحن لم نكن موجودين فيه، الرجل منّا، يريد أن ينفرد بنساء الأرض أجمعين، كل شيء يذهب له وفيه.
- 11 -
بعض الرجال، عالق في هرم الذات، لدرجة أنه غير قادر على تقبل فكرة الرفض، فكرة أنه ليس من الصنف الذي تعشقه امرأة تعرّف عليها، نحن وهن، كالنكهات أو رائحة العطر، لكل شخص ذوقه ومزاجه الخاص في نكهته أو عطره، عليك أن تتقبل فكرة أن تكون عطرًا، هناك امرأة لا يمكن أن تضعه على جسدها، في المقابل هذا ينطبق على المرأة، يجب أن تدرك، أن هناك ولو رجل واحد في الحياة، ممكن أن يقول لها ( لست من الصنف الذي أفضله )، المشكلة عند بعضهن لا تملك قناعة حصولها على رجال الكون كلهم إلا واحد، هي حريصة أن تضم الواحد مع البقية.
مرّ يوسف ابن مهندس ليبي يسكن في نفس البناية التي أنا فيها، ناديته رد بشيء من التذمر "شنّو تبي"؟ طلبت منه أن يحضر لها شيء ساخن تشربه، لكنه كان أكثر جرأة ليرد، ب "بدل القعمسة في الشارع ديرها معاك لحوشكم، وشربها وغسلها".
كانت تبتسم، وتقول هذا نتاج عرق إفريقي أبيض مع عرق افريقي أسود ، يحدث خليط، يأتي علي شكل جنّي صغير.
- 12 -
في زحمة الحديث، وضجيج بعض المارة السكارى، همست بصوت مملوء بالحسرة "الصيف يكشفه" لقد حضر مرارا هنا، وفي أشهر مختلفة، مهما حاول أن يختفي بكثير من الأقنعة والروائح المصنوعة إلا أن الصيف يكشف رائحته التي عرفتها في الإسطبل، لا توجد خليه في جسده إلا وقبلتها ولم أسمح لقطرة عرق ينتجها جسده أن تسقط على الأرض، بقيت رائحته في أنفي ومازال طعمه على طرف لساني.
توقفت برهة عن الحديث ثم سألت :
- 13 -
لا أفهم ما الذي يقلقك وأنت رجل حتى لا يعرف كيف يضع عطره!!
حدود المعرفة أمر جيد، وهذا يعني أنك في المنطقة الآمنة في السلم الإجتماعي، كثير يخطئ، حينما يعتقد أن هذا السلم صعودًا فقط، بدأت البشرية من نقطة المنتصف، هناك من يركب السلم صعودًا، وهناك من يخطو على العتبات هبوطًا، وكلما ارتقيت نحو الأعلى، كان فضول المساءلة، يتعمق في حياتك، ستجد نفسك لعنة على كل شيء تلمسه، من خارج محيطك، يصل الأمر، أنهم يرسلون الوصيفات خلفك بعد ما تنتهى من دورة المياه، ليتأكدن من رائحة فضلاتك، هل تأكل ما يجب عليك أن تأكله، كفتاة في بيئة ارستقراطية، أم خالفت الأنظمة؟!
عادة من هم في منتصف السّلم يكونون في منطقة آمنة، يمارسون حقوقهم في حدود ما هو متاح، بدون أي ضغط من ذلك الفضول.
غالبا يكونون بقوة أقل من متوسطة، لذلك تجد الفرد، لا يبحث عن شيء، من خلاله يريد أن يثبت أنه هو الأقوى.
هناك توازن عجيب، يمكن أن يكون، بين أعلى السّلم وبين قاع السّلم، القوة والمال و السلطة، لذلك قد تجدهم في قاسم مشترك، يتبادلون الأدوار، ويتقاسمون المنافع.
- 14 -
لم أفهم مغزى حديثك أو فلسفتك، كل الذي خرجت به، أني رجل لا يعرف كيف يضع عطره، وهو جالس على صندوق خشبي، يستمع لك، ولديك نهم حديث قد لا ينتهي، ربما الفتى الليبي، يفهم الأمور أكثر، وهناك حقيقة أخري، غير أني رجل لا يعرف كيف يختار عطره، وهي أن حبيبك، الذي قال أنه سيأتي، قد تم شراؤه.
يبدو أني سأغادر.
-لن تستطيع، فحالك كسيدة قررت أن تقبض روحها وهي واقفة، في الغالب يسقطن، لا تحملهن ركبهن.
انتهت
- 4 -
من جديد، علقت في أحابيل قصتها، هذه المرة، بعيدًا عن الحيرة، وتبدد الخوف من عدم اللحاق بموعدي.
ينتابني شعور القلق، ذلك الشعور الذي لا تعرف مصدره، أو الوقت الذي سيذهب عنك ومتى سيعود، ومن أي جهة سيخرج ويعود، ذلك الإحساس الذي يتمكن من جوفك، فتشعر أنه خال من الهواء، خال من أي شيء، فيكون للصقيع مكانًا بداخلك، كل ذلك وأنت لا تدري سبب قلقك.
- 5 -
كانت رثة الملابس بعصابة حول رأسها وشعر قد تلبد بالأوساخ، ليست كبيرة في العمر، لكن ما هي فيه يشعرك أنها كعجوز من الغابرين، اتخذت من ركن ذلك المكان متكئًا.
بدت لي غريبة في المكان، لكن أحد المارة، توقف عند حديثنا، وكان يسأل عن حالها وكأنها قد سكنت هذه الزاوية دهرًا، عندها أدركت، أني كنت متبلدًا عن تفاصيل الحي الذي أسكنه، هكذا حالنا مع بعض الأشياء، قد لا نراها، إلا أن تعثرنا بها، وهي دائما أمام بصرنا، لكن هناك ما يشغلنا عن النظر لها، متأكد أني قد مررت بها أكثر من مرة في اليوم الواحد، ولكنها ليست من تفاصيل يومي، لذلك لم أدرك وجودها في ذلك الركن.
- 6 -
حينما رأتني واقفًا استمع لها، وكأني أريد أن اخطف حديثًا على عجل، بادرتني بقول " لا يمكن للأحاديث أن تصعد للأعلى، ذلك الدعاء فقط نوجهه للسماء، اسحب ذلك الصندوق الخشبي واجلس عليه، ولتكن عيونك في عيوني وأنا أتحدث لك"، أدركت أنها محقة، وصرت بين خيارين، إما أذهب والحق موعدي، الذي هي تجزم فيه أن فتاتي لن تحضر، أو اعتبر ذلك اللقاء في حكم المؤجل، وانتظر سماع قصتها، التي علقت في رغبة سماعها.
لا أعرف هل هو الفضول، أو أني أبحث عن شيء لا أعرفه؟!
كنت اجتر الحيرة، من موقفي هذا، ربما أنا واقع تحت فلسفة الحصول على اللاشيء، كأن تفتح صندوقًا مملوء بالفراغ، وتكمش ملء قبضتك منه، هنا تأكد أنك حصلت على اللاشيء.
- 7 -
لا يمكننا نزع الشيء المؤصل من نفوسنا وأجسادنا، كل حديثها وحركات يدها وسكونها، تدل على أنها كانت صبية منغمسة في الترف، برغم مكوثها سنين طويلة، في حياة خلقتها لنفسها من العدم، إلا أن ماضيها يلاحقها لشخص ركّز قليلا في تفاصيلها الصغيرة.
هاجمتني حين استقريت أمامها جالسا وقالت، لقد طغت رائحة العطر على رائحة جسدك، لذلك لم يصل عطرك إلى ذروته، كثير منكم أيها الرجال، لا يعرف كيف يضع عطره، أنتم لا تعرفون رائحة أجسادكم ، لذلك تطمسوها، بنفحات مبالغ فيه من العطر، فيصبح المزج غير متعادل بين رائحتين، جسدكم والعطر، هنا يكمن سرّ جمال العطر، حينما يمتزج بأجسادنا، هي من تمنحه ذاته.
- 8 -
يحدث أننا في بعض أو كثير من الأحيان، غير مستعدين لسماع التفاصيل الجانبية، نرغب في عمق الحديث، الذي ينتهي بنهاية، غالبا ما نريد أن تكون على امزجتنا. لكنها كانت مفرطة في الهوامش وزيادات الحديث، ذلك يشكل عبئا على استيعابي، خاصة وأن بالي مشغول بأمر آخر.
البعض في الاستماع لديه القوة والقدرة لتوجيه السارد، وبعضنا يقع في فخ شخص، يبحث عن من يستمع لهذيانه، لذلك أخبرتها أني لا أملك وقتًا كافيًا، لسماع فلسفة الدراويش، أو تلك الأحاديث المبهمة، التي يمكن أن تُفسر على أكثر من طريق، ثم سألتها :
- ما المميز في الذي كان سيأتي ولم ويصل حتى الآن؟
قالت :
- لذة الألم معه، لن تسطيع أن تفهم، كيف تستطيع المرأة أن تجمع بين لذة وألم في وقت واحد. هذا الخليط يمنحها متعة مضاعفة، كأن تشعر بوخزات القش على ظهرك، والنظر إلى أقدامك وهي تهتز أمام عينيك، تسمع صوتك، وكلما كان عنيفًا، صعد بك نحو السحاب، حتي تصل لنقطة النهاية، حينها تنتفض وتغيب مدركاتك في تلك الثوان، فعبثية ما تحدثه وقتها، أنت لست مسؤولاً عنها، هذا هو قانون الأجساد الحية.
- 9 -
كان رجل جاليكي، من خليج أورسا، بدأ العمل عندنا كسايس في الإسطبل، لا يعرف أي شيء عن الخيول، فهو من قوم يمتهنون صيد السمك والتهريب.
شد انتباهي جسده المتناسق، تمنيت أن أكون أكثر جرأة، لأطلب منه أن يتخذ وضعيه معينة وأصنع منه تمثلاً من الطين، مللت رجالات القصر والنعومة التي يمارسونها ورائحة عطورهم التي تشابهت عند حاستي، لذلك كنت أقضي كثير من الوقت في مشاهدة السايس الجديد، وكيف يقوم بترويض الخيول القادمة حديثا، بداياته متعثرة، تدل على عدم خبره، منحته بعض المساعدة، فأتقن كل ذلك في عجل، كنت مخطوفة بجسده، خاصة في أول صيف له معنا، اتخذ لجسده قطعة واحدة تغطيه، وهي البنطال فقط، يخرجني من اتزاني ومحيطي، حين تبدأ قطرات العرق، تتخذ مساراتها على جسده، تلك التي تشق طريقها خلف اذنه أو الخطوط منها، التي تسير كقطيع من رقبته إلى ساحات صدره، أو تلك التي تغيب خلف بنطاله، بعد أن سارت مسافات طويله على ظهره، كانت خيالاتي مجنونة مع هذه الجسد.
- 10 -
طبائعنا، كنساء، تستحوذ علينا فكرة أن نكون مرغوبات، ملاحقات كطرائد برية،، تمنيت أن أكون حصيلة صيده الوحيدة بين شباكه، وأن أكون سمكة في مقلاته، يقلبني كيفما يشاء، لكن الأمر لن يتحقق في وجود الفوارق الاجتماعية الكبيرة بيننا، لذلك كان هو طريدتي.
اصابتني غيرة الرجل، تلك الغيرة التي تغرس حرابها بشكل عبثي في دواخلنا، حين تتحدث امرأة عن رجل احبته، خطف عقلها، سرق كيانها، لا يهم الزمان أو المكان، فهي تجتاحنا، حتى لو كانت العاشقة امرأة كبيرة، في زمن نحن لم نكن موجودين فيه، الرجل منّا، يريد أن ينفرد بنساء الأرض أجمعين، كل شيء يذهب له وفيه.
- 11 -
بعض الرجال، عالق في هرم الذات، لدرجة أنه غير قادر على تقبل فكرة الرفض، فكرة أنه ليس من الصنف الذي تعشقه امرأة تعرّف عليها، نحن وهن، كالنكهات أو رائحة العطر، لكل شخص ذوقه ومزاجه الخاص في نكهته أو عطره، عليك أن تتقبل فكرة أن تكون عطرًا، هناك امرأة لا يمكن أن تضعه على جسدها، في المقابل هذا ينطبق على المرأة، يجب أن تدرك، أن هناك ولو رجل واحد في الحياة، ممكن أن يقول لها ( لست من الصنف الذي أفضله )، المشكلة عند بعضهن لا تملك قناعة حصولها على رجال الكون كلهم إلا واحد، هي حريصة أن تضم الواحد مع البقية.
مرّ يوسف ابن مهندس ليبي يسكن في نفس البناية التي أنا فيها، ناديته رد بشيء من التذمر "شنّو تبي"؟ طلبت منه أن يحضر لها شيء ساخن تشربه، لكنه كان أكثر جرأة ليرد، ب "بدل القعمسة في الشارع ديرها معاك لحوشكم، وشربها وغسلها".
كانت تبتسم، وتقول هذا نتاج عرق إفريقي أبيض مع عرق افريقي أسود ، يحدث خليط، يأتي علي شكل جنّي صغير.
- 12 -
في زحمة الحديث، وضجيج بعض المارة السكارى، همست بصوت مملوء بالحسرة "الصيف يكشفه" لقد حضر مرارا هنا، وفي أشهر مختلفة، مهما حاول أن يختفي بكثير من الأقنعة والروائح المصنوعة إلا أن الصيف يكشف رائحته التي عرفتها في الإسطبل، لا توجد خليه في جسده إلا وقبلتها ولم أسمح لقطرة عرق ينتجها جسده أن تسقط على الأرض، بقيت رائحته في أنفي ومازال طعمه على طرف لساني.
توقفت برهة عن الحديث ثم سألت :
- هل انقذتك بحيلتي، حينما قلت أنها لن تحضر للقاء؟
- ربما كنت غير مستعد لأول لقاء، لا أعرف أي شيء عن تلك الأسئلة التي ممكن أن أخوض فيها، حتى أجعلها مهتمة بالجواب، لا أظن أن سؤالي عن لونها المفضل، أو أكلها أو نوع قهوتها، سوف يدهشها، أو أكون في نظرها رجل مختلف، أو كما أخبرتها على الهاتف، حين كان اتصالها خاطئًا، أني رجل يائس، وأحتاج أن تمنحني موعدًا، فوافقت، حتى أني لا أعرف شكلها.
- 13 -
لا أفهم ما الذي يقلقك وأنت رجل حتى لا يعرف كيف يضع عطره!!
حدود المعرفة أمر جيد، وهذا يعني أنك في المنطقة الآمنة في السلم الإجتماعي، كثير يخطئ، حينما يعتقد أن هذا السلم صعودًا فقط، بدأت البشرية من نقطة المنتصف، هناك من يركب السلم صعودًا، وهناك من يخطو على العتبات هبوطًا، وكلما ارتقيت نحو الأعلى، كان فضول المساءلة، يتعمق في حياتك، ستجد نفسك لعنة على كل شيء تلمسه، من خارج محيطك، يصل الأمر، أنهم يرسلون الوصيفات خلفك بعد ما تنتهى من دورة المياه، ليتأكدن من رائحة فضلاتك، هل تأكل ما يجب عليك أن تأكله، كفتاة في بيئة ارستقراطية، أم خالفت الأنظمة؟!
عادة من هم في منتصف السّلم يكونون في منطقة آمنة، يمارسون حقوقهم في حدود ما هو متاح، بدون أي ضغط من ذلك الفضول.
غالبا يكونون بقوة أقل من متوسطة، لذلك تجد الفرد، لا يبحث عن شيء، من خلاله يريد أن يثبت أنه هو الأقوى.
هناك توازن عجيب، يمكن أن يكون، بين أعلى السّلم وبين قاع السّلم، القوة والمال و السلطة، لذلك قد تجدهم في قاسم مشترك، يتبادلون الأدوار، ويتقاسمون المنافع.
- 14 -
لم أفهم مغزى حديثك أو فلسفتك، كل الذي خرجت به، أني رجل لا يعرف كيف يضع عطره، وهو جالس على صندوق خشبي، يستمع لك، ولديك نهم حديث قد لا ينتهي، ربما الفتى الليبي، يفهم الأمور أكثر، وهناك حقيقة أخري، غير أني رجل لا يعرف كيف يختار عطره، وهي أن حبيبك، الذي قال أنه سيأتي، قد تم شراؤه.
يبدو أني سأغادر.
-لن تستطيع، فحالك كسيدة قررت أن تقبض روحها وهي واقفة، في الغالب يسقطن، لا تحملهن ركبهن.
انتهت
التعديل الأخير:
اسم الموضوع : ما يلزم حتى يصل.
|
المصدر : قصص من ابداع الاعضاء