اسكادا
ملكة الأسطبل - مشرف الاقسام الادبية
الاشراف

هي… لا تُشبه أحدًا.

في كل زمنٍ، يولد نصٌ لا يُكتب..
يُنسج من روح..
خاطرةٌ لا تتحدث عن امرأة فحسب، بل عن مقامٍ لا يبلغه الوصف، وهذه الحروف… لم تُخلق إلا لأجلها، فقد كتبتها كمن يهمس للغة:
“كوني أجمل مما تتخيلين… فإنها تقرأ”
هي… لا تُشبه أحدًا.
تسير في الحضور كما يسير الضوء في الماء:
شفّافة، لكنك لا تستطيع إنكار انعكاسها على كل شيء.
تدخل المكان بصمت، لكن الأرواح تلتفت؛ لا لأن صوتها يعلو، بل لأن الحضور معها له نُطقٌ خاص، كأنّه ضوءٌ له ذاكرة.
لا تطلب الاهتمام، لكنها تأخذه…
تأخذه دون ضجيج، كأن الفضل لها في اختراع التفرّد ذاته.
هي لا تسعى لأن تُرى، بل الأشياء هي التي تلتفت إليها دون أن تدري، كما يلتفت الورد فجأة للشمس… لا إراديًا، بل احتياجًا.
هي ليست جميلة،
الجمال أضعف من أن يصفها.
في ملامحها شيء لا تُقاس به المعايير، هدوءٌ فيه عمق، وابتسامة تُشبه لحظةً نادرة… حدثت مرة ولن تتكرر.
حين تتحدث،
تشعر أن اللغة تتأدب على لسانها، كأن الكلمات تعيد ترتيب نفسها احترامًا.
وحين تصمت،
تصبح الفكرة أكثر نقاءً،
ويتباطأ الزمن، ويستريح العالم في لحظةٍ من طمأنينة نادرة.
هي لا تحكي كثيرًا عن نفسها،
لكنّ الأشياء تفعل عنها ذلك؛
الكتب التي ترتبها، الفنجان الذي تفضله، الزهرات التي تُخبّئ ذبولها بنعومة لا تُرى.
تؤمن أن الجمال لا يُعلن عن نفسه،
بل يكون…
هادئًا، صافيًا، ومترفًا بالصمت.
هي لا تغضب،
وإن فعلت، لا تصرخ، لا تُعاتب، لا تُلقي الكلمات بلا وزن.
تنسحب فقط…
كأنها سحابة قرّرت أن تترك السماء،
وتجعل الندم يصفع الذاكرة كلّما مرّ طيفها من بعيد.
لم تكن يومًا عابرة،
من تمرّ بهذا الرقيّ وتترك ذلك الأثر، لا تُنسى.
بل تصبح مرجعًا لما يجب أن يكون.
الهيبة، حين تُصبح محتوى،
والفخامة، حين تكون اتزانًا لا زينة.
لا تقف في الصفوف الأولى،
لكنّ الصفوف كلها تميل باتجاهها…
كأنّها البوصلة،
كأنها المعنى حين يتيه على أهله،
كأنها الأمان، حين يُختصر في ملامح أنثى.
ولأنها لا تُشبه أحدًا…
يصعب أن تجد لها بديلًا،
يصعب أن تنساها،
يصعب أن تكتب عنها دون أن يخشع الحرف في حضرتها.
هي، حين تُحب…
تفعل ذلك بصمتٍ لا يُرى،
لكنّ في عينيها وطنًا لا يُفتح لأي غريب.
لا تمنح القرب بسهولة،
ولا تهب ثقتها كمن يُلقي الورد في الريح،
هي تعرف قيمتها…
وتعلم أن الاقتراب منها شرف لا يُمنح مرتين.
تملك تلك الهالة التي تجعل الآخرين يعيدون تقييم ذواتهم، ليست متكبرة، بل واعية تمامًا لما تستحق.
لا تنتقص من أحد، لكنها ترفض أن تُنتقص،
وشتّان بين من يصعد ليَسمو،
ومن يتجمّل ليُرى.
الجلوس بقربها يشبه التأمّل أمام لوحة مكتملة، لا تحتاج إلى تعليق، ولا إلى شرح، هي مفهومة لمن يُجيد قراءة الصمت،
وغامضة على من لا يرى ما وراء الوقار.
من لا يفهمها، يُسرف في تفسيرها،
ومن يظن أنه اقترب، يجد نفسه أبعد ما يكون.
هي لأولئك الذين يُتقنون فنّ التفاصيل لا الظواهر، لمن يتأمل لا يحدّق، ولمن يملك قلبًا ناعمًا، لا عينًا فاحصة.
هي لا تبحث عن تصفيق،
ولا تنتظر منبهًا يعلن حضورها،
يكفيها أن تعرف أن خطواتها ثابتة،
وأن الطريق ينحني لمرورها،
لا استجداءً… بل إعجابًا.
ولأنها نادرة…
يُحسن الأدب الوقوف حين تُذكر،
ويصمت الضجيج حين تمرّ،
ويعرف الحرف حجمه حين تُلقي عليه نظرة من عينيها.
ولم يكن يعلم، وهو يكتبها بهذا السمو،
أن شيئًا منه كان يتآكل في كل سطر،
أن وراء اتزانه، ظلّ حزنٍ قديمٍ يتكئ على كتفه ولا يبرح.
كان يصفها بكامل بلاغته،
ويخفي بكامل ألمه،
أنه كتب عن امرأةٍ لن تجيء،
وعن حضورٍ لا يراه،
وعن نورٍ لم يُخلق له.
كل حرفٍ سطره عنها،
كان محاولة هادئة ليقنع قلبه أن الجمال لا يُشترط أن يكون له، وأن الهيبة التي مرّت من أمامه، لم تكن سوى ظلّ لن يصافحه.
كتبها كمن يحاول أن يتوازن على حافة الذكرى، يرتّب ملامحها ليُخفي وجعه،
ويبتسم للحرف،
كي لا تبكي اللغة بين يديه.
كان يعلم أن الجمال الذي خطّه لها
لن يقرأه قلبها،
وأن الحرف الذي وُلد لأجلها،
قد يُقرأ من الجميع…
إلا منها.

اعضاء الغابة العربية شاهدوا ايضا
اسم الموضوع : هي… لا تُشبه أحدًا.
|
المصدر : خواطر بريشة الاعضاء