
كل الحكاية في سطر…
ليس «السطر» عندي اختصارًا بقدر ما هو تركيز؛ نقطةٌ ينعقد فيها الزمن، وتتقاطع فيها ثلاثة أشياء:
حالة تُرى،
وفعل يقع،
وأثر يبقى.
في «كل الحكاية في سطر»…
لا أطارِد التفاصيل، بل أختار لحظةً واحدة تمثلها كلها؛ ألمحُ الومضة التي لو أطفأتها لانطفأت القصة، ولو أبقيتها أضاءت النص كله. السرّ هنا في ما لا يُقال بقدر ما يُقال؛ فالسطر الجيد يحكي، وما بعده يصدِّق.
أكتب السطر كأنني أضع خاتمًا على يد الحكاية: لا يغيّر يدها، لكنه يعلن نسبها.
أبحث عن فعلٍ دقيق لا زخرف فيه، وعن صورةٍ صادقة لا مبالغة فيها، وعن نبرةٍ واثقة تمشي على قدميها. أحرص على موسيقى خافتة تُسمَع ولا تُدندن، وعلى بياضٍ بعد السطر يكمّل ما عجز الحبر عن بلوغه؛
فالقارئ شريكٌ في الكتابة، والسطر الجيد يترك له بابًا مفتوحًا.
ولأن الهيبة في الأدب أن تقول الكثير بالقليل، فأنا أختار الكلمات كما يختار الفارس خطوته: ثابتًا… ومقصودًا.
لا أستعرض، ولا أشرح؛ أُصيب القلب وأمضي. هذا هو ميثاق السلسلة: جرعةٌ مكثّفة من صدقٍ جميل؛ سطرٌ واحد، لكنه يحمل بدايةً وذروةً وقرارًا.
ولكي ترى «الحكاية» تمشي في سطر، تخيّلها هكذا:
«اخترتُها… ثم اخترتُ نفسي معها.»
«عادَت… فلم أحتج إلى اعتذارٍ ولا شرحٍ؛ ابتسمتُ وكفاني.»
«علّمتني الخسارةُ كيف أربحني.»
«طرقَتْ الباب… فهدأ العمر.»
«لم أقل أحبكِ؛ فعلتُها.»
هذه هي الفكرة؛ سطرٌ واحدٌ ينهض بحكايةٍ كاملة: حالةٌ تُرى، فعلٌ يُحسّ، وأثرٌ يظلّ.
وكلما اشتدّ الصدق، خفّ الكلام… وعلا المعنى.
.
.
.
.
